ليالي رمضان
منير عتيبة
في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان المسلمون يحيون ليالي رمضان بتلاوة القرآن والصلاة والدعاء والذكر، وفى ليلة القدر كانوا يجتمعون في المسجد لقراءة القرآن الكريم، ويتوجهون بالدعاء إلى الله - تعالى - حتى مطلع الفجر.
في العصر الأموي زادت على ليالي رمضان مجالس الشعر والأدب، وكذلك في العصر العباسي الذي انتشرت فيه تلك المجالس وبالذات في عهد الرشيد والمأمون.
في أول يوم من رمضان وفى السنة الرابعة لولايته جمع أحمد بن طولون الأعيان والقواد والتجار على مائدة حافلة وخطب فيهم:"إنني لم أجمعكم حول هذه الأسمطة إلا لأعلمكم طريق البر بالناس، وأنا أعلم أنكم لستم في حاجة إلى ما أعده لكم من طعام وشراب؛ ولكنني وجدتكم قد أغفلتم ما أحببت أن تفهموه من واجب البر عليكم في رمضان، ولذلك فإني آمركم من الآن أن تفتحوا بيوتكم وتمدوا موائدكم وتهيئوها بأحسن ما ترغبونه لأنفسكم فيتذوقها الفقير المحروم".
يصف علماء الحملة الفرنسية رمضان في كتاب وصف مصر بقولهم: إن المسلمين يحيون ليالي رمضان بالاحتفالات، بينما يقضون النهار في دروس الوعظ بالمساجد بورع شديد أو يتشاغلون بالعمل.. أما في المساء فتبدو الشوارع مضاءة وصاخبة، ويجتمع الناس في أبهى ملابس يأكلون الحلوى وينغمسون في كل أنواع التسالي.. أما الدكاكين فلا تفتح أبوابها إلا متأخراً، وينشد الرجال الابتهالات الدينية بصوت مرتفع مع دقات الطبول والمزامير.
كان إمام الخيرات الإمام الليث بن سعد إمام مصر يطعم الناس في رمضان، وقد اشتهرت مائدته بالهريسة التي تصنع بعسل النحل والسمن إذا جاء رمضان في الشتاء، وتصنع باللوز والسكر إذا كان رمضان في الصيف.. أما الإمام الليث نفسه فكان يفضل تناول الفول في رمضان.
كان الفاطميون يعدون موائد الرحمن تحت اسم"دار الفطرة"وكانت تقام الموائد في عهد الخليفة العزيز بالله الفاطمي بطول 175 مترًا وعرض 4 أمتار.
كانت للوزير ابن الفرات المولود بحي شبرا بالقاهرة أراضٍ تدر عليه مليوني دينار سنوياً، وكان ينفقها في رمضان حيث يعد موائد بطول 500 متر، ويجلس على رأسها وأمامه 30 ملعقة من البلور يأكل بكل ملعقة مرة واحدة ثم يلقى بها ويستخدم غيرها.
كان المماليك يجلبون الثلج من الشام لتبريد المشروبات في أيام رمضان الصيفية.. وكان السلطان حسن يقدم للناس في كل يوم من رمضان 117 ذبيحة.