الشبهة : وردت في قوله تعالى (( و التي أحصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا .. )) و المقصود مريم عليها السلام . و هي كلمة غير لائقة فكيف تجيئ في القرآن ؟ .
الرد :
أولا : هذه الكلمة لائقة . ليس صحيحا أنها لا تليق لو نظرنا إلى السياق . لم تأت هذه الكلمة قط في القرآن إلا في مقام الأمر بالعفة و الطهارة . مريم أحق من يدخل في هذا المقام . اليهود رموها بالتهمة الشنيعة . القرآن تولى الدفاع عنها و أورد هذه الكلمة في هذا المقام بخلاف البايبل الذي أهمل حمل راية الدفاع عنها . و هذه كل الآيات التي وردت فيها هذه الكلمة . كلها آيات تأمر بالعفة و الطهارة .
وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ [المؤمنون : 5]
قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ [النور : 30]
وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ... [النور : 31]
ِإنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً [الأحزاب : 35]
وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ [المعارج : 29]
وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ [التحريم : 12]
وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ [الأنبياء : 91]
ثانيا : هذه الكلمة فيها كناية . هذه الكلمة وردت للرجل في القرآن كما وردت للمرأة . فهي تستعمل للرجل و المراة . ما يثبت الكناية فيها . و الدليل على انها للرجل من القرآن آيات أكتفي منها بهذه الآية : قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ [النور : 30]
ثالثا : لم ترد هذه الكلمة أبدا إلا في مقام العفة و الدفاع عن مريم عليها السلام . و إيرادها هو على سبيل المبالغة في الدفاع عنها و الأمر بالعفة و الطهارة . على ما فيها من كناية لوقوعها للرجل كما للمرأة . يقول من ُرمي بالأكل في نهار رمضان نافيا هذه التهمة : ما أكلت بفمي طعاما . لو قال ما اكلت طعاما لكان يكفيه . لكن لما ذكر أنه لم يأكل بفمه أفاد المبالغة في النفي . إذ هو العضو الذي من خلاله يأكل الطعام . و كذلك قول عائشة : لا والله ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط .( البخاري 4879 ) . و كقولك خذ بيدك هذا القلم مع انه لا يعقل الأخذ بغير اليد . و كقولك ما رأيت بعيني جريمة قتل . و لو قال ما رأيت جريمة قتل لوفى و إنما زاد ذكر العين للمبالغة . و هكذا .
رابعا : من يقرأ أي آية وردت فيها هذه الكلمة لا يشعر بحرج . من يقراها في سياقها يشعر بالعفة و الحض على الطهارة . و هذا بين لمن كان منصفا . بخلاف نشيد الإنشاد الذي كان اليهود يمنعون من لم يبلغ الثلاثين من قراءته . وكذلك الإصحاح الثالث و العشرون من حزقيال . يقول عنه الأب متى المسكين :اللغة القبيحة الفاحشة في أحط معناها وصورها [ثم يقول] فيها كل وساخة الزنا وفحشاء الإنسان !! .
خامسا : وقوع هذه الكلمة في سياق الحث على الطهارة و الدفاع عن الطاهرة مريم هو بمثابة شهادة حسن سيرة و سلوك . المفاجأة ان البايبل كتاب النصارى يقدم لهذه الكلمة شهادة حسن سيرة و سلوك أيضا في بعض ترجماته . ورود هذه الكلمة في ترجمتين عربيتين لكتاب النصارى يعني انها كلمة لائقة . لا يمكن ان يختار من قدم هاتين الترجمتين لكتابه المقدس إلا أطهر الكلمات و انقى العبارات . الترجمة الكاثوليكية و اليسوعية اختارتا هذه الكلمة فيهما . و إليك البرهان :
فقالوا له: (( هكذا قال حزقيا: اليوم يوم الشدة والعقاب، يوم الهوان، وقد بلغت الأجنة فرج الرحم، ولا قوة للولادة. أشعياء 37 / 3 .. الترجمة اليسوعية
''
2مل-19-3: فقالوا لَه: ((هكذا قالَ حِزقِيَّا: اليَومَ يَومُ الشِّدَّةِ والعِقاب، يَومُ الهَوان، وقَد بَلَغَتِ الأجنَّةُ فَرج الرَّحِم، ولا قُوَّةَ لِلوِلادة .َ >> الترجمة الكاثوليكية
--------- ------------------